سورة الحجر - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحجر)


        


{نَبِّئ عِبَادِى أَنِّي أَنَا الغفور الرحيم وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ العذاب الأليم} تقريراً لما ذكر وتمكيناً له في النفوس. قال عليه السلام: «لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورع عن حرام ولو يعلم قدر عذابه لبخع نفسه في العبادة ولما أقدم على ذنب» وعطف {وَنَبِّئْهُمْ} وأخبر أمتك. عطفه على {نبئ عبادي} ليتخذوا ما أحل من العذاب بقوم لوط عبرة يعتبرون بها سخط الله وانتقامه من المجرمين ويتحققوا عنده أن عذابه هو العذاب الأليم {عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} أي أضيافه وهو جبريل عليه السلام مع أحد عشر ملكاً، والضيف يجئ واحداً وجمعاً لأنه مصدر ضافه {إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلامًا} أي نسلم عليك سلاماً أو سلمنا سلاماً {قَالَ} أي إبراهيم {إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ} خائفون لامتناعهم من الأكل أو لدخولهم بغير إذن وبغير وقت {قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ} لا تخف {إِنَّا نُبَشِّرُكَ} استئناف في معنى التعليل للنهي عن الوجل أي إنك مبشر آمن فلا توجل. وبالتخفيف وفتح النون: حمزة {بغلام عَلِيمٍ} هو إسحاق لقوله في سورة هود {فبشرناها بإسحاق} [هود: 71] {قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِى على أَن مَّسَّنِىَ الكبر} أي أبشرتموني مع مس الكبر بأن يولد لي أي إن الولادة أمر مستنكر عادة مع الكبر {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} هي (ما) الاستفهامية دخلها معنى التعجب كأنه قيل: فبأي أعجوبة تبشرون، وبكسر النون والتشديد: مكي، والأصل (تبشرونني) فأدغم نون الجمع في نون العماد ثم حذفت الياء وبقيت الكسرة دليلاً عليها. {تبشرون} بالتخفيف: نافع، والأصل (تبشرونني) فحذفت الياء اجتزاء بالكسرة وحذف نون الجمع لاجتماع النونين، والباقون: بفتح النون، وحذف المفعول والنون نون الجمع.


{قَالُواْ بشرناك بالحق} باليقين الذي لا لبس فيه {فَلاَ تَكُن مّنَ القانطين} من الآيسين من ذلك {قَالَ} أي إبراهيم {وَمَن يَقْنَطُ} وبكسر النون: بصري وعلي {مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضآلون} إلا المخطئون طريق الصواب أو إلا الكافرون كقوله: {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} [يوسف: 87] أي لم أستنكر ذلك قنوطاً من رحمته ولكن استبعاداً له في العادة التي أجراها. {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ} فما شأنكم {أَيُّهَا المرسلون قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ} أي قوم لوط {إِلآ ءَالَ لُوطٍ} يريد أهله المؤمنين، والاستثناء منقطع لأن القوم موصوفون بالإجرام والمستثني ليس كذلك، أو متصل فيكون استثناء من الضمير في {مجرمين} كأنه قيل: إلى قوم قد أجرموا كلهم إلا آل لوط وحدهم، والمعنى يختلف باختلاف الاستثناءين لأن آل لوط مخرجون في المنقطع من حكم الإرسال يعنى أنهم ارسلوا إلى القوم المجرمين خاصة ولم يرسلوا إلى آل لوط أصلاً، ومعنى ارسالهم إلى القوم المجرمين كإرسال السهم إلى المرمى في أنه في معنى التعذيب والإهلاك كأنه قيل: إنا أهلكنا قوماً مجرمين ولكن آل لوط أنجيناهم. وأما في المتصل فهم داخلون في حكم الإرسال يعني أن الملائكة أرسلوا إليهم جميعاً ليهلكوا هؤلاء وينجوا هؤلاء. وإذا انقطع الاستثناء جرى {إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ} مجرى خبر لكن في الاتصال بآل لوط لأن المعنى. لكن آل لوط منجون، وإذا اتصل كان كلاماً مستأنفاً كأن إبراهيم عليه السلام قال لهم: فما حال آل لوط؟ فقالوا: إنا لمنجوهم {إِلاَّ امرأته} مستثنى من الضمير المجرور في {لمنجوهم} وليس باستثناء من الاستثناء، لأن الاستثناء من الاستثناء إنما يكون فيما اتحد الحكم فيه بأن يقول (أهلكناهم إلا آل لوط إلا امرأته) وهنا قد اختلف الحكمان لأن إلا آل لوط متعلق ب {أرسلنا} أو ب {مجرمين} و{إلا امرأته} متعلق ب {منجوهم} فكيف يكون استثناء من استثناء. {لمنجوهم} بالتخفيف: حمزة وعلي {قَدَّرْنَآ} وبالتخفيف: أبو بكر {إِنَّهَا لَمِنَ الغابرين} الباقين في العذاب. قيل: لو لم تكن اللام في خبرها لوجب فتح (إن) لأنه مع اسمه وخبره مفعول {قدرنا} ولكنه كقوله {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجنة إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} (الصافات: 158) وإنما أسند الملائكة فعل التقدير إلى أنفسهم ولم يقولوا قدر الله لقربهم كما يقول خاصة الملك أمرنا بكذا والآمر هو الملك.


{فَلَمَّا جَآءَ ءَالَ لُوطٍ المرسلون قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} أي لا أعرفكم أي ليس عليكم زي السفر ولا أنتم من أهل الحضر فأخاف أن تطرقوني بشر {قَالُواْ بَلْ جئناك بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ} أي ما جئناك بما تنكرنا لأجله بل جئناك بما فيه سرورك وتشفيك من أعدائك وهو العذاب الذي كنت تتوعدهم بنزوله فيمترون فيه أي يشكون ويكذبونك {وأتيناك بالحق} باليقين من عذابهم {وِإِنَّا لصادقون} في الإخبار بنزوله بهم {فَأْسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ الَّيْلِ} في آخر الليل أو بعد ما يمضي شيء صالح من الليل {واتبع أدبارهم} وسر خلفهم لتكون مطلعاً عليهم وعلى أحوالهم {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ} لئلا يروا ما ينزل بقومهم من العذاب فيرقوا لهم، أو جعل النهي عن الالتفات كناية عن مواصلة السير وترك التواني والتوقف لأن من يلتفت لا بد له في ذلك من أدنى وقفة {وامضوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} حيث أمركم الله بالمضي إليه وهو الشام أو مصر {وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمر} عدى {قضينا} ب (إلى) لأنه ضمن معنى أوحينا كأنه قيل: وأوحينا إليه مقضياً مبتوتاً، وفسر ذلك الأمر بقوله {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآْءِ مَقْطُوعٌ} وفي إبهامه وتفسيره تفخيم للأمر ودابرهم آخرهم أي يستأصلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم أحد {مُّصْبِحِينَ} وقت دخولهم في الصبح وهو حال من {هؤلاء}

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6